للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - أن العلة القاصرة لا يصح التعليل بها في اختيار أكثر أهل العلم منقوضة طردا بالفلوس؛ لأنها أثمان وعكسا بالحلي (١).

ب - إن حكمة تحريم الربا في النقدين ليست مقصورة عليهما بل تتعداهما إلى غيرهما من الأثمان كالفلوس والورق النقدي.

* * *

الثالث:

ويتلخص في أن علة الربا في النقدين مطلق الثمنية، وهذا القول إحدى الروايات عن الإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة قال أبو بكر من أصحاب أحمد روى ذلك عن أحمد جماعة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- وغيرهما من محققي أهل العلم (٢).

وقد أورد ابن ملفح على هذا القول إيرادا ملخصه: بأن التعليل بالثمنية تعليل بعلة قاصرة لا يصلح التعليل بها في الأكثر منقوضة طردا بالفلوس لأنها أثمان وعكسا بالحلي (٣).

ويمكن أن يجاب عن هذا الإيراد بأنه لا يتجه إلا على القائلين بغلبة الثمنية، أما القائلون بمطلق الثمنية فلم يخرجوا الفلوس الرائجة عن حكم النقدين بل اعتبروها نقدا يجري فيه الربا كما يجري فيهما، كما أنهم لم يقولوا بجريان الربا في الحلي المصنوع من الذهب أو الفضة؛ لأن الصناعة قد نقلته من جنس الثمنية إلى أجناس السلع والثياب، ولهذا لا تجب فيه الزكاة على القول المشهور في مذهب الإمام أحمد مع أنه من الذهب والفضة. كما يمكن أن يورد على القائلين بمطلق الثمنية إيراد ملخصه بأن إجماع العلماء منعقد على جريان الربا بنوعيه في الذهب والفضة سواء أكانا سبائك أو مسكوكين، فما سك منهما نقدا فلا إشكال في جريان الربا فيه لكونه ثمنا، وإنما الإشكال في جريان الربا في سبائكهما مع أنهما في حال كونهما سبائك ليسا ثمنا، ويمكن أن يجاب عن هذا الإيراد بأن الثمنية موغلة في الذهب والفضة وشاملة لسبائكهما بدليل أن السبائك الذهبية كانت تستعمل نقدا قبل سكها نقودا، وقد كان تقدير ثمنيتها بالوزن ومن ذلك ما رواه الخمسة وصححه الترمذي «عن سويد بن قيس قال جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فساومنا سراويل فبعناه وثم رجل يزن بالأجرة فقال له زن وأرجح، (٤)» ومثله حديث


(١) انظر الجزء التاسع من مجموع النووي ص ٤٤٥، وانظر الجزء الثاني من الفروع ص ٥٤٥.
(٢) انظر جـ ٢٩ من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ص ٤٧٣ وص ٤٧٤ وانظر جـ ٢ ص ١٣٧ من إعلام الموقعين.
(٣) انظر جـ ٢ ص ٥٤٥ من الفروع وتصحيحه.
(٤) سنن الترمذي البيوع (١٣٠٥)، سنن النسائي البيوع (٤٥٩٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٣٦)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٠)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٢)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨٥).