للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي منح الجليل أيضا بعد الكلام على التسمية ما نصه:

وقال في البيان والتبيين: ليست التسمية شرطا في صحة الذكاة لأن قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (١) معناه لا تأكلوا الميتة التي لم يقصد إلى ذكاتها لأنها فسق، ومعنى قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٢) كلوا مما قصدتم إلى ذكاته، فكنى عن التذكية بالتسمية كما كنى عن رمي الجمار بذكر اسمه تعالى حيث قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٣) أ. هـ. المقصود منه.

وقال في كبير الخرشي ودخل في قول المؤلف " يناكح" أي يحل لنا وطء نسائه في الجملة - المسلم والكتابي معاهدا أو حربيا حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى ولا فرق بين الكتابي الآن ومن تقدم خلافا للطرطوشي في اختصاصه بمن تقدم فإن هؤلاء قد بدلوا فلا نأمن أن تكون الذكاة مما بدلوا. ورد بأن ذلك لا يعلم إلا منهم فهم مصدقون فيه أ. هـ. ومثله في التتائي بلا فرق.

وقال في شرح اللمع عند قول المصنف: وأما من يذكي فمن اجتمعت فيه أربعة شروط أن يكون مسلما أو كتابيا إلخ: واعلم أن المؤلف قد أطلق الكلام على صحة ذكاة الكتابي، ولا بد من التفصيل في ذلك ليصير كلامه موافقا للمشهور من المذهب، وتلخيص القول في ذلك أن الكافر إن كان غير كتابي لم تصح ذكاته، وإن كان كتابيا كاليهودي والنصراني سواء كان بالغا أو مميزا ذكرا أو أنثى ذميا كان أو حربيا فإن كان ما ذكاه مما يستحل أكله فذكاته له صحيحة ويجوز لنا الأكل منها وإن كان مالك قد كره الشراء من ذبائحهم. والأصل في ذلك أن الله تعالى قد أباح لنا أكل طعامهم ومن جملة طعامهم ما يذكونه، وإن كان ما ذكاه مما لا يستحله بل مما يقول إنه حرام عليه فإن ثبت تحريمه عليه بنص شريعتنا كذي الظفر في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} (٤) الأنعام فالمشهور عدم جواز أكله وقيل يجوز وقيل يكره وإن لم يثبت تحريمه عليهم بشرعنا بل لم يعرف ذلك إلا من قولهم كالتي يسمونها بالطريقة (بالطاء المهملة) ففي جواز أكلنا منه وكراهته قولان وهما لمالك في المدونة. قال اللخمي: وثبت على الكراهة ولم يحرمه واقتصر الشيخ خليل في مختصره على القول بالكراهة ووجهه ابن بشير باحتمال صدق قولهم. وهذا كله إذا كان الكتابي لا يستبيح أكل الميتة، وأما إن كان ممن يستحل أكلها فقال ابن بشير: فإن غاب الكتابي على ذبيحته فإن علمنا أنهم يستحلون الميتة كبعض النصارى أو شككنا في ذلك لن نأكل ما غابوا عليه، وإن علمنا أنهم يذكون أكلناه أ. هـ. وأما ما يذبحه الكتابي لعيده أو للصليب أو لعيسى أو للكنيسة أو لجبريل أو نحو ذلك فقد كرهه مالك مخافة أن يكون داخلا تحت قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٥) ولم يحرمه لعموم قوله تعالى


(١) سورة الأنعام الآية ١٢١
(٢) سورة الأنعام الآية ١١٨
(٣) سورة البقرة الآية ٢٠٣
(٤) سورة الأنعام الآية ١٤٦
(٥) سورة المائدة الآية ٣