كالأمعاء) أو ما اختلط بعظم أو غيره إن كانوا يحرمونه فلا بأس على المسلمين في أكله لأن الله -عز وجل- إذا أحل طعامهم، فكان ذلك عند أهل التفسير ذبائحهم فكل ما ذبحوا لنا ففيه شيء مما يحرمونه فلو كان يحرم علينا إذا ذبحوه لأنفسهم من أصل دينهم بتحريمهم لحرم علينا إذا ذبحوه لنا، ولو كان يحرم علينا بأنه ليس من طعامهم وإنما أحل لنا طعامهم وكان ذلك على ما يستحلون كانوا قد يستحلون محرما علينا يعدونه لهم طعاما، فكان يلزمنا لو ذهبنا هذا المذهب أن نأكله لأنه من طعامهم الحلال لهم عندهم، ولكن ليس هذا معنى الآية، معناها ما وصفنا والله أعلم ".
هذا نص الشافعية فمذهبه أن المراد بطعامهم في الآية ذبائحهم خاصة لا عموم الطعام فما ذبحوه مما هو حلال لنا كذبائحنا لا فرق بين ما حرم عليهم منه وما حل لهم، وما حرم علينا لا يحل إذا كان من طعامهم، وهو مخالف في هذا للمذاهب الأخرى التي أخذت بعموم لفظ الآية وعدتها كالاستثناء مما حرم علينا إلا الميتة ولحم الخنزير فإنهما محرمان لذاتهما لا لمعنى يتعلق بالتذكية أو بما يذكر عليها، وقد تقدم ذلك. وقد شرح كون ما أحل لنا مما حرم عليهم لا يحرم من ذبائحهم في موضع آخر (٢٠٩ و٢١٠ منه) وبين هنا أنه يجب على كل عاقل بلغته دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يتبعه في أصول شرعه وفروعه وحلاله وحرامه فما كان حراما عليهم صار حلا لهم بشرعه، وحلا لنا بالأولى.