من تطرق التكذيب إلى من قال: سمعته يقول: كذا وكذا، وإنه لم يسمعه، فإن هذا لا يتطرق إليه إلا التكذيب، بخلاف خبر من أخبر عما ظنه من فعله وكان واهما، فإنه لا ينسب إليه الكذب، وقد نزه الله عليا، وأنسا، والبراء، وحفصة عن أن يقولوا: سمعناه يقول: كذا، ولم يسمعوه، ونزهه ربه تبارك وتعالى أن يرسل إليه: أن افعل كذا وكذا، ولم يفعله، هذا من أمحل المحال، وأبطل الباطل. فكيف والذين ذكروا الإفراد عنه لم يخالفوا هؤلاء في مقصودهم ولا ناقضوهم، وإنما أرادوا إفراد الأعمال، واقتصاره على عمل المفرد، فإنه ليس في عمله زيادة على عمل المفرد.
ومن روى عنهم ما يوهم خلاف هذا، فإنه عبر بحسب ما فهمه، كما سمع بكر بن عبد الله بن عمر يقول: أفرد الحج، فقال: لبى بالحج وحده، حمله على المعنى، وقال سالم ابنه عنه ونافع مولاه: إنه تمتع فبدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، فهذا سالم يخبر بخلاف ما أخبر به بكر، ولا يصح تأويل هذا عنه بأنه أمر به، فإنه فسره بقوله: وبدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، وكذا الذين رووا الإفراد عن عائشة رضي الله عنها، فهما عروة والقاسم، وروى القران عنها عروة ومجاهد، وأبو الأسود يروي عن عروة الإفراد، والزهري يروي عنه القران، فإن قدرنا تساقط الروايتين سلمت رواية مجاهد، وإن حملت رواية الإفراد على أنه أفرد أعمال الحج تصادقت الروايات وصدق بعضها بعضا، ولا ريب أن قول عائشة وابن عمر: