للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما تقدم يتضح تحريم اللحوم المستوردة من الخارج على الصفة التي سبق بيانها وأن مقتضى قواعد الشرع يدل على تحريمها كما في حديث عدي وغيره في اشتراك الكلب المعلم مع غيره. وفيما رماه الصائد بسهمه فوقع في الماء لاحتمال أن الماء قتله. وفيما رواه الترمذي وصححه: «إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع (١)». فدل على أنه لو رأى فيه أثر سبع أنه لا يأكله. فإنك ترى من هذا أنه إذا تردد الأمر بين شيئين مبيح وحاظر فيغلب جانب الحظر. وليس في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما: «أن قوما حديثي عهد بإسلام يأتوننا باللحوم فلا ندري أذكروا اسم الله عليه أو لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سموا الله أنتم وكلوا- لأن الحديث في قوم مسلمين- إلا أنهم حديثوا عهد بكفر (٢)» بخلاف تلك اللحوم المستوردة من الخارج فإن الذابح لها ليس بمسلم ولا كتابي بل مجهول الحال.

كما بينا فيما تقدم من أهل البلد إذا كانت حالتهم أو معظمهم يذبحون بالطريقة الشرعية وهم مسلمون أو أهل كتاب فيباح لنا ما ذبحوه وإن كانوا يذبحون بغير الطريقة الشرعية بل بخنق أو بضرب رأس أو بصاعقة كهربائية فهو محرم. وإن جهل أمرهم ولم تعلم حالتهم بما يذبحونه فلا يحل ما ذبحوه تغليبا لجانب الحظر. ولا عبرة بما عليه أكثر الناس اليوم من أكلهم لتلك اللحوم من غير مبالاة بتذكيتها من عدمها- والله المستعان.


(١) سنن الترمذي الصيد (١٤٦٨).
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢٠٥٧)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٦)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٢٩)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٧٤)، موطأ مالك الذبائح (١٠٥٤)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٦).