الاختصار مناف للطريقة السليمة في التربية والإعداد العلمي، وأنه مظهر من مظاهر التراجع والنكوص في الحركة العلمية، ولذلك فهو يظهر بكثرة في فترة ضعف الحياة العلمية، وفي العصور التي تعلو فيها الدعوة للتقليد، وغلق باب الاجتهاد.
أما المجيزون للاختصار، فلا يكادون يحصون كثرة، وهذا يظهر من خلال مئات المختصرات التي صنفت في عصور مختلفة، وفي علوم شتى.
ففي العلوم الشرعية هناك المختصرات في التفسير، والمختصرات في كتب الحديث، والمختصرات في الفقه. . . إلخ.
ولا يسلم بأن الاختصار يعد مظهرا من مظاهر ضعف حركة التأليف، وذلك أن الاختصار يعني في كثير من الأحيان نوعا من النقد والتمحيص لمؤلفات سابقة، ثم إن الحاجة تدعو إليه لتقريب العلم، وتسهيل حفظه، ولذا فإن المؤلف قد يلح عليه تلاميذه، أو يطلب إليه آخرون أن يقوم باختصار كتابه، لتعميم نفعه، وتيسير فهمه وحفظه.
وليس من اليسير أن يجتزأ الكتاب الكبير الذي يكون في عشرة مجلدات أو سبعة، أو خمسة عشر مجلدا، أو أقل أو أكثر ليكون في مجلد واحد مع المحافظة على شرط الكتاب، وعلى غرض المصنف الأساسي من تأليفه.
إن التصدي لهذا لا يحسنه إلا عالم متمرس، ولا يتقنه إلا من