قبيل ولا دبير، بل هو تشويه وتمويه، فإن أحدهم يتصرف في مصنف غيره تصرف الجزار في أضحيته، فهم يضعفون الأقوال الراجحة، ويطمسون الحقائق الواضحة، ويدسون في المختصرات ما لا نسب بينه وبين الأصل، ونرى أحدهم يجعل كتاب غيره ميدانا للانتصار لرأيه، والانتقام لنفسه، فيستبدل عقيدة السلف بالتعطيل، وربما ضعف الصحيح، وصحح الضعيف، ولم يرع للمؤلف حرمة، ولم يحفظ له حقا، ولم يقم للأمانة العلمية وزنا، فهل هذا اختصار؟
إن ثمة ضوابط وأسسا منهجية للاختصار دون مراعاتها، فإنه يفقد قيمته، وتضيع فائدته، ويصبح ضرره أكبر من نفعه.
وهذه هي أهم القواعد التي توصلت إليها بعد البحث والنظر:
١ - تحري حسن القصد، وسلامة النية في عمله، ورجاء نفع الأمة.
٢ - الاستقصاء لمسائل الكتاب (الأصل) وفوائده، والاقتصار على حذف ما يغني مذكوره عن محذوفه، من التكرار، وتوضيح الواضح الجلي.
٣ - المحافظة على المعاني التي قصدها المصنف، وصبها في قالب لغوي سهل، وحذف عويص اللغة وتعقيداتها إن وجدت.
٤ - توضيح الأمور المشكلة والوجوه المحتملة، بإرجاع الضمائر إلى مراجعها، وإزالة الإشكال والإبهام بالمجاز بين، كأن تكون الكلمة اسما لأكثر من موضع، أو يكون الاسم يشترك فيه أكثر من راو. . . إلخ.
٥ - عدم الإخلال بأدلة الكتاب (الأصل) وأفكاره الأساسية، مع حذف ما يبعد أو يندر وقوعه من الافتراضات البعيدة.