للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أعظم من ضرورتهم إلى الطعام والشراب، بل أعظم وأكبر من ضرورتهم إلى النفس، فإن المتكلمين من الكتاب والمرشدين وسواهم ممن يلم بجنس هذه الأمور قد اختلفت وجهتهم وافترقت مغازيهم في كتاباتهم وإرشاداتهم، وذلك بحسب اختلاف وافتراق ما يدور في أفكارهم، ويستقر في تصوراتهم، ويحسن في أنظارهم من المهمات والأهميات، لا فرق في ذلك بين المتكلم والمرشد الديني والمتكلم خلافه. وأجد من يتكلم عن الأمور الدينية أكثرهم أو كلهم إلا من شاء الله لا يكتبون ولا يرشدون إلا في أمور هي في الحقيقة من الفروع والمكملات، فتجد الكاتب وتجد المرشد لا يتكلم إلا حول فرضية الصلاة مثلا ووجوب فعلها في جماعة، أو الحج، أو صيام رمضان، أو الزكاة وأشباه ذلك. أو في أشياء من المحرمات كالربا والتعدي على الأنفس والأموال والأعراض وغير ذلك من المعاصي والمخالفات، ونعم ما فعلوا، وحسن طريقا ما سلكوا ولكنهم كانوا عن أهم الأهم في بعد إلى الغاية، فقد كان خير الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول بعثته ومبدأ دعوته يبدأ بالأهم فالأهم، وأقام صلى الله عليه وسلم. بمكة عشر سنوات من بعثته قبل فرض الصلاة التي هي عمود الإسلام وما بعدها من الأركان كل ذلك في بيان التوحيد والدعوة إليه، وبيان الشرك وتهجينه والتحذير منه. وأول سورة أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم في رسالته سورة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (١) {قُمْ فَأَنْذِرْ} (٢) {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (٣) {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (٤) {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (٥) {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} (٦) {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (٧). وكان صلى الله عليه وسلم


(١) سورة المدثر الآية ١
(٢) سورة المدثر الآية ٢
(٣) سورة المدثر الآية ٣
(٤) سورة المدثر الآية ٤
(٥) سورة المدثر الآية ٥
(٦) سورة المدثر الآية ٦
(٧) سورة المدثر الآية ٧