يسلك في الإنذار عن الشرك والدعوة إلى التوحيد شتى الطرق ويسعى في حثه الناس لإبلاغهم ذلك بكل ما يمكنه، حتى إنه مرة صعد على الصفا صلى الله عليه وسلم رافعا صوته واصباحاه فلما اجتمعوا إليه قال: «يا أيها الناس إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد (١)».
فحقيق بالمسلمين ولا سيما العلماء أن يجعلوا كبير عنايتهم ومزيد اهتمامهم بمعرفة حقيقة ما بعث الله به الرسل من أولهم إلى آخرهم وخاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، وتعليمهم ذلك، والعمل به ظاهرا وباطنا، والموالاة والمحبة والتناصح فيه، والتواصي به، من توحيد الله تبارك وتعالى في ربوبيته وفي ذاته تبارك وتعالى، وأسمائه وصفاته وأفعاله، وفي إلهيته وما يستحق من عبادته وحده لا شريك له، وأنه ما في العالم علويه وسفليه من ذات أو صفة أو حركة أو سكون إلا الله خالقه لا خالق غيره ولا رب سواه، وأن يوحد سبحانه وتعالى في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، بأن يؤمن أنه تعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأنه حي قيوم، على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، وأنه تبارك وتعالى سميع بصير، يرضى، ويسخط، ويحب، ويحب، إلى غير ذلك مما ورد في الكتاب والسنة من أسمائه وصفاته تبارك وتعالى، فنثبت كل ما ورد في الكتاب والسنة من هذا الباب إثباتا بريئا من تشبيه المشبهين، كما ننزهه تبارك وتعالى عن جميع ما لا يليق بجلاله وعظمته تنزيها بريئا من تعطيل المعطلين. وأن يوحد تبارك وتعالى في ألوهيته بأن يفرد بجميع أنواع العبادة فلا يعبد إلا إياه ولا يدعى أحد سواه، ولا يسجد إلا له ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يستعان
(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٧٧٠)، صحيح مسلم الإيمان (٢٠٨)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٣٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٧).