للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علماء السلف في حكم تعليقها، فرخص فيها بعض السلف وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص. وظاهر ما روي عن عائشة رضي الله عنها، وأحد قولي الإمام أحمد. وحملوا الأحاديث الواردة في النهي عنها على التمائم الشركية، وقاسوا جواز تعليقها إذا كانت من القرآن أو من أسماء الله وصفاته بالرقية. وبعضهم لم يرخص فيه وجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود، وابن عباس، وظاهر قول حذيفة، وبه قال عقبة بن عامر وابن عكيم. قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن. والمراد بالكراهة في قول إبراهيم وغيره من السلف الصالح التحريم. وهذا القول -أعني تحريم تعليقها- هو قول الإمام أحمد اختاره جمع من أصحابه، وجزم به المتأخرون منهم، وهذا هو الصحيح من وجوه:

الأول: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك، وقوله: «من تعلق شيئا وكل إليه (١)»، وقوله: «من تعلق تميمة فقد أشرك (٢)»، وما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح، وأقره الذهبي ولفظ أبي داود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود أن عبد الله بن مسعود رأى في عنقي خيطا فقال: ما هذا؟ قلت: خيط رقي لي فيه. قالت: فأخذه وقطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (٣)». فقلت: لم تقول هكذا؟ لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فإذا رقاها سكنت. فقال عبد الله: إنما ذلك عمل الشيطان ينخسها بيده فإذا


(١) سنن الترمذي الطب (٢٠٧٢).
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٥٦).
(٣) سنن أبو داود الطب (٣٨٨٣)، سنن ابن ماجه الطب (٣٥٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٨١).