للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (١)، وقال أهل العلم في معنى قوله تعالى: {عَلَى بَصِيرَةٍ} (٢) يعني على علم، لأن العالم بعلمه بالنسبة إلى المعلومات كالبصير بالنسبة إلى المرئيات، فهو يعلم كيف يأمر وكيف ينهى وكيف يدعو إلى الله، كما أن الرائي يرى ما أمامه حتى يتجنب ما يضره من حفر وأشواك ونحو ذلك.

ثم أمر آخر وهو أن يكون رفيقا في دعوته وألا يعجل في ذلك حتى يضع الأمور في مواضعها. فإن كان المدعو ممن يفهم العلم ويمكن أن يستجيب من دون حاجة إلى موعظة أو جدال وضح له الحق وأرشد إليه بالأدلة الشرعية والكلام الطيب والأسلوب الحسن، فإذا تقبل ذلك انتهى الموضوع وحصل المطلوب. وإن كان ممن لديه جفاء وإعراض وغفلة وعدم مبالاة، نصح ووعظ بالتي هي أحسن وذكر بالله لعله يستجيب ويقبل الحق، فإن كان ذا شبهة ومجادلة رفق به وجادله بالتي هي أحسن، حتى يزيل شبهته ويوضح له الحق الذي أشكل عليه وحتى لا تبقى شبهة يتشبث بها في ترك الحق أو في الاستمرار على الباطل، وهذه المعاني قد دل عليها قول الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٣)، ومما يلزم الداعي إلى الله عز وجل الإخلاص


(١) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٣) سورة النحل الآية ١٢٥