ولا يسمع ممن يدعي الإسلام أقبح من هذا، وهذا مقتضى قول من أنكر أن يكون هذا قرآنا، وزعم أن القرآن معنى في نفس الباري، وهذا الذي معنا عبارات وحكايات مخلوقة، ونحن عملنا حروفه، ونظمنا ألفاظه، فثبت قطعا ويقينا غير مشكوك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقد قرآنا سوى (١) هذا القرآن الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات، وأما الإجماع فإن الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعوا على أن القرآن هو هذا فقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما:(إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه)، وقال زيد بن ثابت: لما قتل أهل اليمامة أرسل إلي أبو بكر فأتيته فإذا عنده عمر، فقال لي:(اجمع القرآن، فقلت: كيف تصنعان شيئا لم يصنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، فقالا لي: هو والله خير، فلو كلفوني نقل جبل كان أسهل على مما أمروني به.