للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرسول صلى الله عليه وسلم أن الفراغ مغنم ومكسب، ولكن لا يعرف قدر هذه الغنيمة إلا من عرف غايته في الوجود، وأحسن التعامل مع الوقت والاستفادة منه، ولعل مما يحفز على ضرورة الاستفادة من الوقت حرص الفرد أن يكون من القلة التي عناهم الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه السابق، إذ ظاهر الحديث أن من يستفيد من الوقت هم القلة من الناس، وإلا فالكثير مغبون وخاسر في هذه النعمة، بسبب تفريطه في وقته وعدم استغلاله الاستغلال الأمثل.

وقد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا؛ لانشغاله بمعاشه، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا -الصحة والفراغ- وغلب عليه الكسل عن طاعة الله فهو المغبون، أما إن وفق إلى طاعة الله فهو المغبوط (١).

ومسئولية الإنسان عن وقته شاملة لجميع عمره، وهذا الوقت مما يسأل عنه الإنسان يوم القيامة، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه (٢)»


(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج ١١، دار الريان، القاهرة، ١٤٠٧ هـ، ص ٢٣٤.
(٢) سنن الدارمي، أبي محمد عبد الله الدارمي، دار الفكر، بيروت، باب من كره الشهرة والمعرفة، ص ٩٨.