للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما ينبغي الإشارة إليه أنه على الرغم من حرص الإسلام على الانتفاع من الوقت وعدم تركه يذهب سدى، فإنه أكد على إعطاء النفس حقها من الراحة والسعة والانبساط، فلقد قال تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (١) {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} (٢) {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} (٣)، قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (٤) أي قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار (٥)، وكأن النوم راحة إجبارية يتقوى بها الإنسان على معاشه في النهار.

كما ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: «يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا (٦)»، ولكن هذا الحق من النوم والراحة للجسد والبدن مشروط، أي ينبغي أن يتقوى به لما بعده، ويحتسبه الإنسان للعمل، فهو يرتاح ليتقوى على العمل وليست الراحة لمجرد البطالة.


(١) سورة النبأ الآية ٩
(٢) سورة النبأ الآية ١٠
(٣) سورة النبأ الآية ١١
(٤) سورة النبأ الآية ٩
(٥) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج ٤، ص ٤٦٢.
(٦) صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم، ج ٢، ص ٦٩٧.