أمر ما يطلع عليه إلا الله تعالى، فإذا أظهر أحد الخير فاقبلوا منه ووالوه وإذا ظهر من أحد شر وإدبار فعادوه واكرهوه، ولو أنه أحب حبيب.
وجامع الأمر في هذا: أن الله خلقنا لعبادته، وحده لا شريك له، ومن رحمته بعث لنا رسولا يأمرنا بما خلقنا له، ويبين لنا طريقته، وأعظم ما نهانا عنه: الشرك بالله، وأمرنا بعداوة أهله وبغضهم، وتبيين الحق، وتبيين الباطل، فمن التزم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أخوك، ولو هو أبغض بغيض، ومن تنكب عن الصراط المستقيم فهو عدوك، ولو هو ولدك أو أخوك، وهذا شيء أذكركموه مع أني بحمد الله أعلم أنكم تعلمون ما ذكرت لكم، ومع هذا فلا عذر لكم عن التبيين الكامل، الذي لا يبقى معه لبس، وأن تذكروا دائما في مجالسكم ما جرى منا ومنكم، وأن تقوموا للحق ومع الحق أكثر من قيامكم مع الباطل، فلا أحق من ذلك، ولا لكم عذر؛ لأن اليوم الدين والدنيا مجتمعة، ولله الحمد في ذلك.
فتذكروا ما أنتم فيه أولا، في أمور الدنيا، من الخوف والأذى، واعتداء الظلمة والفسقة عليكم، ثم رفع الله ذلك كله بالدين، وجعلكم السادة والقادة، ثم أيضا ما من الله به عليكم من الدين. انظروا إلى مسألة واحدة، فمما نحن فيه من الجهالة، كون البدو تجري عليهم أحكام الإسلام، مع معرفتنا أن الصحابة قاتلوا أهل الردة، وأكثرهم متكلمون بالإسلام،