للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاعتقاد، وقال بالتفويض، ولكن الحنابلة يتعصبون للحنابلة؛ لذلك يتعصب بعض المشايخ في الدفاع عن ابن قدامة، ولكن الصحيح أن ابن قدامة مفوض (١)، وذلك لما في بعض عبارته من الإجمال الذي قد يفهم منه ذلك، كقوله في لمعة الاعتقاد: -". . . وما أشكل من ذلك - يعني مما جاء في القرآن والسنة من الصفات - وجب إثباته لفظا، وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله (٢).

وإن الناظر في كتبه والفاحص لها، يجزم أن الموفق رحمه الله تعالى لم يرد بذلك تفويض المعنى الذي يقول به أهل التفويض، وإنما كلامه لا يخرج عن أحد أمرين:

أحدهما: نفي الكلام بالكيفيات.

ثانيهما: نفي المعاني الباطلة التي صرف المتكلمون نصوص الصفات إليها.

والأمران كلاهما صحيحان، حيث إن العلم بالكيفية لا سبيل إليه، وقد اتفق السلف على ذلك، ومقولتهم في هذا مشهورة حيث روى جماعة من السلف قولهم: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، وعلى الاستفهام قس باقي الصفات، فهذا منهجهم


(١) فتاوى ورسائل سماحة عبد الرزاق عفيفي (ص ٣٤٨).
(٢) لمعة الاعتقاد (ص٤)