للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} (١). ولقد جاء في الكافي عن الحسن بن يحيى بن زيد فقيه العراق أنه قال: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كراهية المتعة والنهي عنها.

والكراهية مع النهي يقتضي التحريم.

ورأس الأئمة بالإجماع عندهم هو علي كرم الله وجهه قد نهى عن المتعة نهيا مؤكدا فقال رضي الله عنه لا أوتى بمستمتعين إلا رجمتهما.

وقد نقل الكافي وهو أحد المصادر الأربعة لفقههم إجماعهم على النهي عنها وقد وجدنا في كتب الزيدية عن أئمة آل البيت عامة وعن الإمام جعفر الصادق خاصة ما يثبت أنه يرى المتعة من الزنا- كما نسب هذا لقائل القول بإباحة المتعة عن البخاري ومسلم وعن ابن القيم في زاد المعاد وعن ابن كثير في النهاية وغيرها من الكتب فيوهم الناس أن هؤلاء يقولون بإباحتها إلى يوم القيامة وهو كذب صريح عليهم فإنهم مجمعون كغيرهم على تحريمها إلى يوم القيامة.

والحاصل: أن المتعة ليست إلا من قبيل اتخاذ الأخدان الذي هو معروف من عادات الجاهلية وسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام عفوا حتى يجيء الوقت المعين لإعلان التحريم - وقد حان وقت تحريمه زمن خيبر أي عام ست من الهجرة - وقيل عام الفتح وأنه بلا ريب لا تتفق المتعة مع مقاصد الإسلام من العلاقة بين الرجل والمرأة التي أحلها الله سبحانه وتعالى بكلمته ولا يمكن أن يحل الله تعالى بكلمته اتخاذ الأخدان.

ثم إن هذا القرآن الكريم النازل على محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما يحتاج إليه الناس إلا جاء بما يقطع النزاع ويعيد الخلاف إلى مواقع الإجماع في شأن هذه القضية وغيرها.

فقد حكى القرآن الكريم عن الرجل المعدم الفقير الذي يشتهي النساء بشدة ولا يستطيع صداق المحصنات الحرائر فماذا يصنع أيحل له أن يستأجر امرأة بأجرة زهيدة إلى أجل مسمى ليتمتع بها أم لا وهي عين القضية التي نحن بصددها قال سبحانه: ومن {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} (٢). .


(١) سورة النساء الآية ٢٥
(٢) سورة النساء الآية ٢٥