للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإتيان بلفظ الرب هنا دون اسم الجلالة؛ لما في التذكير بأنه ربه من معنى كرامته، ومن معنى أداء ما أراد إبلاغه كما ينبغي من التعجيل والإشاعة، والحث على تناوله والعمل بما فيه.

وقوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (١) أي: إذا لم تبلغ جميع ما أنزل إليك، فتركت بعضه لم تكن مبلغا رسالته؛ لأن كتمان البعض مثل كتمان الجميع في الاتصاف بعدم التبليغ، وجاء الشرط بـ (إن) التي شأنها في كلام العرب عدم اليقين بوقوع الشرط؛ لأن عدم التبليغ غير مظنون به صلى الله عليه وسلم، وإنما فرض هذا الشرط ليبنى عليها الجواب، وهو قوله: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (٢) وقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (٣) افتتح باسم الجلالة للاهتمام به؛ لأن المخاطب والسامعين يترقبون عقب الأمر بتبليغ كل ما أنزل إليه أن يلاقي عنتا وتكالبا عليه من أعدائه، فافتتح تطمينه بذكر اسم الله؛ لأن المعنى: هذا ما عليك، وأما ما علينا فالله يعصمك، والعصمة هنا: الحفظ والوقاية من كيد أعدائه، وقد جاء الوعد بها في القرآن أيضا، قال تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} (٤) (٥).

وقد يقال: أين ضمان العصمة وقد شج وجهه عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد وكسرت رباعيته؟.


(١) سورة المائدة الآية ٦٧
(٢) سورة المائدة الآية ٦٧
(٣) سورة المائدة الآية ٦٧
(٤) سورة البقرة الآية ١٣٧
(٥) تفسير التحرير والتنوير ٦/ ٢٥٩، ٢٦٢ بتصرف.