للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا غرو إذا أن يكون جهاد المنافقين فيه مشقة عظيمة، لأنه موقف وسط وحرج بين رحمته صلى الله عليه وسلم ولينه مع المؤمنين المخلصين، وبين شدته في قتاله الأعداء الحربيين، مما يجب فيه إقامة العدل واجتناب الظلم (١).

٥ - قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٢).

في هذه الآية نداء من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بوصفه الشريف (النبي) وترك نداءه باسمه كرامة له وتشريفا وإعلاء لمحله وتنويها بفضله وجلالة قدره عليه الصلاة والسلام، ولأن مواجهة العظماء بأسمائهم في النداء لا تليق بخلاف الإخبار عنهم (٣).

وهذا هو النداء الأول في هذه السورة، افتتح به؛ لأن غرضه والمراد منه هو الأصل، حيث تضمن الأمر بالتقوى وواجب تأدية رسالة ربه على أكمل وجه، دون أن يفسد عليه أعداء الدين أعماله، سيرا على منهج الله مع التوكل عليه وحده، وما بعده من النداءات الأربعة مندرجة أغراضها في هذا الغرض الأساس (٤).


(١) ينظر: تفسير المنار ١٠/ ٥٥١.
(٢) سورة الأحزاب الآية ١
(٣) ينظر: الكشاف ٣/ ٢٤٨، البحر المحيط ٧/ ٢١٠، روح المعاني ٢١/ ١٤٣، حاشية الشهاب ٧/ ٤٥٧.
(٤) ينظر: تفسير التحرير والتنوير ٢١/ ٢٤٩، ٢٥٠.