للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن وقتادة: " جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بالحدود، أقم حدود الله عليهم " (١)، واستشكل هذا القول بأن إقامة الحدود واجبة على غيرهم أيضا، فلا يختص ذلك بهم (٢).

وقيل: جاهد الكفار والمنافقين معا باليد واللسان وبكل ما أطاق جهادهم، روى الطبري عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} (٣) قال: " بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه" (٤) واختار هذا القول الطبري ثم قال: " فإن قال قائل: فكيف تركهم صلى الله عليه وسلم مقيمين بين أظهر أصحابه مع علمه بهم؟

قيل: إن الله - تعالى ذكره - إنما أمر بقتال من أظهر منهم كلمة الكفر، ثم أقام على إظهاره ما أظهر من ذلك، وأما من إذا اطلع عليه منهم أنه تكلم بكلمة الكفر وأخذ بها أنكرها ورجع عنها وقال إني مسلم، فإن حكم الله في كل من أظهر الإسلام بلسانه أن يحقن بذلك له دمه وماله، وإن كان معتقدا غير ذلك، وتوكل هو- جل ثناؤه- بسرائرهم، ولم يجعل للخلق البحث عن السرائر " (٥).


(١) رواه عنهما الطبري في تفسيره ١٠/ ١٢٦، ١٢٧
(٢) ينظر: روح المعاني ١٠/ ١٣٧.
(٣) سورة التوبة الآية ٧٣
(٤) ينظر: جامع البيان ١٠/ ١٢٦
(٥) ينظر: جامع البيان ١٠/ ١٢٧، وذهب إلى هذا ابن كثير في تفسيره ٢/ ٣٧١.