للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد شنع بعض المفسرين على الزمخشري إساءته الأدب وزلل لسانه في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فما أطلقه في حق النبي صلى الله عليه وسلم تقول وافتراء، والنبي صلى الله عليه وسلم منه براء، وإذا كان آحاد المؤمنين يتحاشى أن يعتقد تحريم ما أحل الله له، فكيف لا يربأ بمنصب النبي صلى الله عليه وسلم عما يرتفع عنه منصب عامة الأمة.

وذلك أن تحريم الحلال على وجهين:

الأول: اعتقاد ثبوت حكم التحريم فيه، وهو كاعتقاد ثبوت حكم التحليل في الحرام، وهذا محظور يوجب الكفر، فلا يمكن صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم أصلا.

الثاني: الامتناع من الحلال مطلقا أو مؤكدا باليمين مع اعتقاد حله، وهذا مباح صرف، وحلال محض، وما وقع منه صلى الله عليه وسلم كان من هذا النوع، فإذا أراد الحنث فيه والعود إليه كفر كفارة يمين، وإنما عاتبه الله تعالى عليه رفقا به وتنويها بقدره وإجلالا لمنصبه عليه الصلاة والسلام، أن يراعي مرضاة أزواجه بما يشق عليه جريا على ما ألف من لطف الله تعالى به؛ لرفعة منزلته وسمو مكانته عنده جل وعلا.

وفي ندائه صلى الله عليه وسلم بـ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} (١) في مفتتح العتاب من حسن التلطف به والتنويه بشأنه ما لا يخفى، ونظير


(١) سورة التحريم الآية ١