للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونداؤه عليه الصلاة والسلام بهذا الوصف {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (١) في هذا المقام يراد به تأنيسه وملاطفته والتودد إليه، وقد يعدل عن نداء الشخص باسمه إلى صفة متلبس بها إيناسا وملاطفة له لنفسه للقيام بمهمة يكلف بها، كقوله عليه الصلاة والسلام لحذيفة رضي الله عنه: «قم يا نومان (٢)»، وكقوله لعلي رضي عنه: «قم أبا تراب (٣)». قال السهيلي: " وفي خطابه بهذا فائدتان:

إحداهما: الملاطفة، فإن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة سموه باسم مشتق من حالته التي هو، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين غاضب فاطمة رضي الله عنهما فأتاه وهو نائم، وقد لصق بجنبه التراب، فقال «قم يا أبا تراب»، وكذلك قوله عليه السلام لحذيفة رضي الله عنه: «قم يا نومان»، وكان نائما ملاطفة له وإشعارا لترك العتب والتأنيب، فقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (٤) فيه تأنيس وملاطفة، ليستشعر أنه غير عاتب عليه.


(١) سورة المزمل الآية ١
(٢) رواه مسلم والسير في صحيحه- كتاب الجهاد غزوة الأحزاب ٥/ ١٧٧
(٣) رواه البخاري في صحيحه مع الفتح- كتاب فضائل الصحابة- باب مناقب علي بن أبي طالب ٧/ ٧٥ برقم ٣٧٠٣، ورواه مسلم في صحيحه- كتاب فضائل الصحابة- باب من فضائل علي بن أبي طالب ٧/ ١٢٤
(٤) سورة المزمل الآية ١