للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفائدة الثانية: التنبيه لكل متزمل راقد ليله لينتبه إلى قيام الليل وذكر الله تعالى فيه لأن الاسم المشتق من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كل من عمل ذلك العمل، واتصف بتلك الصفة (١). وقال ابن عاشور: " والأصل في النداء أن يكون باسم المنادى العلم إذا كان معروفا عند المتكلم، فلا يعدل من الاسم العلم إلى غيره من وصف أو إضافة إلا لغرض يقصده البلغاء، من تعظيم أو تكريم نحو {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} (٢) أو تلطف وتقرب نحو: يا بني ويا أبت، أو قصد تهكم نحو: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (٣)، فإذا نودي المنادى بوصف هيئته من لبسة أو جلسة أو ضجعة كان المقصود في الغالب التلطف به والتحبب إليه ولهيئته. . . فنداء النبي بـ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (٤) نداء تلطف وارتفاق، ومثله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (٥) (٦).

وهنا أساء الزمخشري الأدب كعادته مع مقام سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لسوء معتقده، معرضا نفسه لعقوبة الله عز وجل، ثم للوم العلماء ونقدهم وردهم عليه، حيث زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يناد بذلك إلا تهجينا للحالة التي كان عليها من التزمل في قطيفة، واستعداده للاستثقال


(١) التعريف والإعلام ١٧٨، وانظر: الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ٣٣، البحر المحيط ٨/ ٣٦٠
(٢) سورة الأنفال الآية ٦٤
(٣) سورة الحجر الآية ٦
(٤) سورة المزمل الآية ١
(٥) سورة المدثر الآية ١
(٦) تفسير التحرير والتنوير ٢٩/ ٢٥٥ - ٢٥٧، وانظر. حاشية الشهاب الخفاجي ٩/ ٣٠٤، روح المعاني ٢٩/ ١٠١