للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل ذلك حين يأتي ما ينهى عنه، وهو الحزن بسبب مسارعة الكفار في كفرهم وتعلقهم بدينهم الباطل، أتى النداء بوصفه الشريف (الرسول) تأكيدا عليه وتذكيرا له للقيام بأداء مهمة الرسالة ودعوة الناس إلى هذا الدين، ولا يحزن إن قوبل بما ذكره الله عز وجل عنهم في الآية بعده، ومثله أيضا تقديم ندائه عليه الصلاة والسلام بـ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} (١) في مفتتح عتابه وسؤاله {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (٢) وفي هذا من حسن التلطف معه والتنويه بشأنه ما لا يخفي، ونظير هذا تقديم العفو على العتاب في قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (٣).

أما المواضع التي جاء فيها عقيب ندائه عليه الصلاة والسلام الخبر فخمسة، اثنان منها جاء جملة شرطية، وهما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} (٤) الآية، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٥) الآية.

والثلاثة الأخيرة هي: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٦) قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (٧) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (٨) الآية.

وبالتأمل في هذه الآيات الخمس تبين لي أن لها ارتباطا وثيقا بما سبق، فبيعة النساء النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكر في الآية هو رسالة النبي صلى الله عليه وسلم التي أمر بإبلاغها وعدم التواني في دعوة الناس


(١) سورة التحريم الآية ١
(٢) سورة التحريم الآية ١
(٣) سورة التوبة الآية ٤٣
(٤) سورة الممتحنة الآية ١٢
(٥) سورة الطلاق الآية ١
(٦) سورة الأنفال الآية ٦٤
(٧) سورة الأحزاب الآية ٤٥
(٨) سورة الأحزاب الآية ٥٠