للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معاضدة حرف النداء ومكانفته (١) بتأكيد معناه، ووقوعها عوضا مما يستحقه، أي: من الإضافة.

فإن قلت: لم كثر في كتاب الله النداء على هذه الطريقة ما لم يكثر في غيره؛ قلت: لاستقلاله بأوجه من التأكيد وأسباب من المبالغة؛ لأن كل ما نادى الله له عباده من أوامره ونواهيه؛ وعظاته وزواجره ووعده ووعيده واختصاص (٢) أخبار الأمم الدارجة عليهم، وغير ذلك مما أنطق به كتابه أمور عظام (٣)، وخطوب جسام ومعان عليهم أن يتيقظوا لها، ويميلوا بقلوبهم، وبصائرهم إليها، وهم عنها غافلون، فاقتضت الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ " (٤).

وللرازي تفريق دقيق بين النداء بـ (يا) و (يا أيها)، وبيان السر البياني في اختصاص ندائه عليه الصلاة والسلام بـ (يا أيها) المراد منه، حيث يقول: " قول القائل: يا رجل يدل على النداء، وقوله: يا أيها الرجل يدل على ذلك أيضا، وينبئ عن خطب المنادى له أو غفلة المنادى. . . ولأن قوله:


(١) مكانفته: إعانته وحفظه، القاموس (كنف) ٣/ ١٩٢
(٢) هكذا في الكشاف، وفي الإتقان ٢/ ٨٩٧ فيما نقله عنه (واقتصاص)
(٣) خبر (لأن) السابقة
(٤) الكشاف ١/ ٢٢٥، ٢٢٦