للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتابع فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه دون غيره من الصحابة، لما ثبت عنده من علم عمر، وسداد فكره، وفي هذا النوع من المسائل يقول عبد الله بن مسعود: " لو أن الناس سلكوا واديا وشعبا وسلك عمر واديا وشعبا لسلكت وادي عمر وشعبة (١).

وهذه مسائل قليلة لا تعدو أربع مسائل كما ذكر ابن القيم (٢).

ج- وهناك مسائل كان على ابن مسعود أن يتبع فيها ما يرسمه عمر بن الخطاب باعتبار عمر أميرا للمؤمنين، وعبد الله بن مسعود لا يعدو أن يكون واليا من ولاته، وما كان لوال أن يخالف ما يرسمه أمير المؤمنين من أنظمة وأحكام طالما هي نابعة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أفصح عن هذا ابن مسعود تمام الإفصاح عندما قال " إنما نقضي بقضاء أئمتنا " (٣) وفي هذه المسائل قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى " كان ابن مسعود يترك مذهبه وقوله لقول عمر، وكان لا يكاد يخالفه في شيء من مذهبه ويرجع من قوله إلى قوله " (٤).

وهذه المسائل هي جميع الأحكام المتعلقة بالنظام العام في الدولة.

ومن ذلك- قضاؤه في مقاسمة الجد مع الإخوة في الميراث، فقد كان ابن مسعود يقضي في الجد مع الإخوة أن الجد يقاسم الإخوة إلى السدس، ثم قضى بمقاسمته إياهم إلى الثلث اتباعا لما رسمه عمر بن الخطاب فعن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس قال: كان ابن مسعود يشرك الجد مع الإخوة، فإذا كثروا وفاه السدس، فرجعت من عنده وأنا حائر، فمررت بعبيدة بن نضلة فقال: ما لي أراك حائرا؟ قلت: كيف لا أكون حائرا، فحدثته بما سمعت، فقال: صدقاك كلاهما، قلت: لله أبوك، وكيف صدقاني كلاهما؟ قال: كان رأي عبد الله وقسمته أن يشركه مع الإخوة، فإذا كثروا وفاه السدس، ثم وفد على عمر فوجده يشركه مع الإخوة، فإن كثروا وفاه الثلث، فترك رأيه وتابع عمر (٥).

وفي رواية: أن عمر بن الخطاب هو الذي كتب إلى ابن مسعود يأمره بالعدول عن السدس إلى الثلث وقال في كتابه " ما أرى إلا أنا أجحفنا الجد، فإذا أتاك كتابي هذا فقاسم به مع الإخوة ما بينه وبين أن يكون الثلث خيرا له من مقاسمتهم (٦)


(١) ابن أبي شيبة ١/ ١٠٠ وإعلام الموقعين ١/ ٢٠. .
(٢) إعلام الموقعين ٢/ ٢١٨.
(٣) المحلى ٩/ ٢٨٣و٢٨٦. .
(٤) إعلام الموقعين ١/ ٢٠.
(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢/ ١٨٣ والمحلى ٩/ ٢٨٥.
(٦) ابن أبي شيبة ٢/ ١٨٣ وسنن البيهقي ٦/ ٢٤٩ وكنز العمال ٣٠٦٣٧. .