للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما النحر فهو بطعن الحيوان في لبته وهي الوهدة وهي ما بين أسفل العنق والصدر وهي منفذ إلى جوف الحيوان ومقتل له. والذبح يكون غالبا للغنم والبقر، والنحر للإبل، ويجوز أن ينحر ما حقه الذبح، ويذبح ما حقه النحر. هذه هي الذكاة الاختيارية أو ذكاة الحيوان المقدور عليه - كما هي عبارة غالب الفقهاء -.

أما الذكاة الاضطرارية، أو ذكاة الحيوان الممتنع أو غير المقدور عليه، فتكون بما عبر عنه هنا بالعقر، وهذا هو الأمر الثالث الذي تبين لنا من خلال التعريف.

والممتنع هو ما يعجز عن ذبحه أو نحره، إما لأنه قد ند فلم يقدر عليه، أو لأنه قد تردى في بئر، أو نحوهما من الأسباب، أو كان مما يمتنع عادة وهذا الأخير هو الصيد فإنه متوحش بطبعه.

والحكم فيما سبق كله هو العقر، بمعنى جرح الحيوان في أي موضع أمكن جرحه فيه لقتله، فمتى مات بهذا السبب حل أكله وهذا هو قول أكثر الفقهاء لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فند بعير، وكان في القوم خيل يسيرة، فطلبوه فأعياهم، فأهوى إليه رجل بسهم، فحبسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها، فاصنعوا به هكذا (١)» وفي لفظ: «فما ند عليكم فاصنعوا به هكذا (٢)» متفق عليه. وقد جاء عن


(١) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٤٩٨)، صحيح مسلم الأضاحي (١٩٦٨)، سنن الترمذي الأحكام والفوائد (١٤٩٢)، سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٢٩٧)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤٦٣)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٧).
(٢) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٧٥)، صحيح مسلم الأضاحي (١٩٦٨).