للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد أدى الجلدكي خدمة جليلة لعلم الكيمياء، حيث قدم شروحا مفصلة للتجارب العلمية التي قام بها، إضافة إلى التي قام بها غيره من علماء العرب والمسلمين.

ويدعى علماء العرب أنهم يجهلون إسهام الجلدكي في الكيمياء لأن كتبه بقيت مهجورة في المكتبات العالمية باللغة العربية على شكل مخطوطات. ولهذا أعلن جوزيف براوست عام ١٢١٤ هجرية (١٧٩٩ ميلادية) - بكل تبجح ابتكاره لقانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيمياوي، ومن ثم بدأ علماء الغرب يبلورون هذا الادعاء، حتى أصبح طلاب العلم في جميع أنحاء العالم يعتقدون ذلك. وعندما بدا المخلصون للعلوم ينكرون هذه الادعاءات محاولين نسبة الابتكار إلى صاحبه الجلدكي، كان الرد من علماء الغرب أن إنتاج الجلدكي في الكيمياء مغمور في مخطوطاته في المكتبات العامة. هذا طبعا لا يعني أن جوزيف براوست لم يطلع على فحوى إسهام الجلدكي في الكيمياء، أما كتاب المصباح في علم المفتاح كان في متناول علماء الشرق والغرب بلغات مختلفة، ومن ذلك يتضح أن براوست أخذ فكرته عن هذا العالم الجليل.

لم ينكر علماء الغرب أن الجلدكي هو أول عالم كيميائي فصل الذهب عن الفضة، بواسطة استخدام حامض النتريك الذي يذيب الفضة ويترك الذهب. وهذه الطريقة لا تزال تستعمل إلى يومنا هذا. أيضا اعترف علماء الشرق والغرب على السواء أن أول من فكر في قوانين السلامة في المعامل الكيميائية، وأول من استخدم الأكمام التي ترتدي عند القيام بتجربة كيميائية هو الجلدكي. وهناك نوع من الإجماع أن كتب الجلدكي هي عبارة عن موسوعات علمية تحتوي على معلومات نابغة وثمينة في علم الكيمياء لعلماء العرب والمسلمين ولغيرهم من علماء الحضارات الأخرى. فهو العالم العادل الذي يعطي كل ذي حق حقه بدون تحيز.

لقد امتازت مؤلفات الجلدكي بالتفصيل وتقصي الحقائق والإيضاحات الضرورية لفهم المسألة، حتى لغير المتخصص في مادة الكيمياء. كان يسهب في الشرح، فيعطي كثيرا من الأمثلة الكثيرة لبعض التفاعلات الكيميائية. كما أنه اهتم بالنواحي التاريخية، لأن الحضارة العربية والإسلامية تأثرت كثيرا بثقافات الأمم القديمة، ذلك أن علماء العرب والمسلمين ترجموا الكتب التي ألفها علماء تلك الأمم، وتفننوا فيها فلخصوها وعلقوا عليها بشتى التعليقات.