للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان من الواجب على الخريطة أن تمثل سطح الأرض كأنها صورة منها، إذا أصبح من الضروري أن يكون بين الأصل والصورة تشابه تام في كل شيء. بمعنى أن الشكل المسقط يكون مشابها للأصل، وأن مساحته تكون متكافئة بنسبة مقياس الرسم، وأن الاتجاهات بين أجزائه تكون صحيحة مثلما كانت على سطح الأرض. وهذا يعبر عنه في علم إسقاط الخرائط بالمحافظة على التشابه والتكافؤ والانحرافات.

ولقد وجد أن المحافظة على هذه الواجبات الثلاثة مجتمعة، من المحال ما دامت الخريطة مستوية، ولذلك روعيت الأغراض المطلوب صنع الخريطة من أجلها عند اختيار عملية الإسقاط المناسبة. فمثلا الخرائط المستعملة في البحرية والطيران، أهم أغراضها المحافظة على الاتجاهات بين الأماكن، والخرائط التعليمية مثل الخرائط الجغرافية يفضل فيها وجود التشابه، والخرائط الزراعية يراعي فيها التكافؤ، وهكذا. . . ولقد وجد أنه من الممكن الاحتفاظ بواحدة من هذه الخواص الثلاثة المذكورة سابقا، أو باثنين منها فقط، أما الثلاثة معا فلا.

وفي الحالات العامة يمكننا دون حدوث أي خطأ محسوس اعتبار أن الأرض كروية السطح تماما وإذا أردنا الدقة أكثر من ذلك فهي شبه كروية مفرطحة القطبين، والفرق بين طول القطر الاستوائي والقطر القطبي حوالي (٤٢) كيلو مترا، وهذا الفرق صغير جدا إذا قورن بقطر الكرة الأرضية المتوسطة وقدره (١٢٧٠٠) كيلو متر.

ونظرا لكروية سطح الأرض، فإن أية نقطة من سطحها لا تتميز عن غيرها من النقط السطحية بدليل ما. ولذلك لجأنا إلى تصور وجود خطوط وهمية مرسومة على سطح الكرة الأرضية بنظام متعامد خاص، يرتبط بنقطتين ثابتتين هما القطب الأرضي الشمالي والقطب الأرضي الجنوبي.

وإذا تصورنا أن الكرة الأرضية تدور حول نفسها دورة منتظمة فإن ذلك يستوجب فرض محور ثابت داخل هذه الكرة ينسب إليه هذا الدوران تقابل طرفي هذا المحور مع سطح الكرة الأرضية يحدد هاتين النقطتين القطب الشمالي والقطب الجنوبي.

وإذا فرضنا أن كلا من هذين القطبين هو نقطة أساس، فإن الكرة الأرضية تنقسم إلى نصفين متكافئين، وأن الخط الدائري المشترك بين هذين النصفين يسمى خط الاستواء، وهو دائرة عظمى من الدوائر الأرضية (١). ثم تقسم هذه الدائرة إلى (٣٦٠) درجة، وكل درجة تقسم إلى (٦٠)


(١) الدائرة العظمى هي التي يمر مستواها بمركز الكرة الأرضية، أي أنها تقسم الكرة إلى نصفين متساويين.