٣ - أن يعتقد أنها سبب، ولا يعتقد أنها مؤثرة بذاتها حتى لا يتعلق قلبه إلا بالله عز وجل وأنه وحده الشافي سبحانه وأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه تبارك وتعالى ومما يدل على أنه لا بد في الرقى موافقة الشرع أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: أرأيت رقى كنا نرتقي بها في الجاهلية، فقال: «اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (١)» والذين اشترطوا كونها بالعربية قالوا: لئلا يكون فيها شيء من الطلاسم والشعوذة، لهذا عبر بعضهم عن هذا الشرط بقوله: أن تكون بكلام مفهوم، والمعنى واحد فالمقصود أن الرقية الجائزة بل والمأمور بها هي ما كان بأدعية شرعية معروفة مفهومة اللفظ والمعنى ولم يعتقد متعاطيها أنها تؤثر بذاتها، أما ما وقع السؤال عنه من استغلال بعض ضعاف النفوس للناس بتظاهرهم بالصلاح والمداواة بالقرآن وهم إنما يقومون بالسحر والشعوذة ويرتكبون أعمالا شركية، فهذا أمر محرم وقد يصل إلى الكفر والواجب على من علم ذلك عنهم أن يبلغ ولاة الأمور، وعلى ولاة الأمر أن يأخذوا على أيدي هؤلاء وأن يقطعوا دابر الفساد، أما عامة الناس فالواجب عليهم الحرص والتحري وعدم الاغترار بالمظاهر، فينظر في الرجل الذي يرقيه والدعاء الذي يقوله، ويسبر حال الرجل فإن ظهر من الرجل ما يرتاب منه فالواجب عليه تركه وعدم الاغترار به، وإن علم أنه يتعاطى السحر أو الشعوذة أو يتعامل مع الجن وجب عليه إبلاغ الجهات المختصة ليقوموا باللازم تجاههم.
(١) صحيح مسلم السلام (٢٢٠٠)، سنن أبو داود الطب (٣٨٨٦).