للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (١)، والمراد به هنا الصلاة، فدل على أن العمل ركن في الإيمان، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان (٢)» رواه البخاري. فجمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين النطق، وهو قول لا إله إلا الله، وبين عمل القلوب، وهو الحياء، وبين عمل الجوارح، وهو إماطة الأذى عن الطريق.

وقد أجمع السلف على أن الإيمان قول وعمل ونية، نقل الإجماع غير واحد من الأئمة المعتبرين، كالشافعي رحمه الله، نقله عنه اللالكائي وابن تيمية رحمهما الله وأحالا إلى كتابه (الأم) في كتاب الطهارة عند كلامه عن النية، ونقل الإجماع أيضا الآجري في (الشريعة) وغيرهم، ودليل تفاضل الناس في مسمى الإيمان قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (٣)، وقوله سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} (٤)، والنصوص في هذا المعنى كثيرة، وعلى هذا سار السلف رضي الله عنهم.

وفق الله الجميع للفقه في دينه والتزام شرعه والعمل بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والثبات على ذلك.


(١) سورة البقرة الآية ١٤٣
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٩)، صحيح مسلم كتاب الإيمان (٣٥)، سنن الترمذي الإيمان (٢٦١٤)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٥)، سنن أبو داود السنة (٤٦٧٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤١٤).
(٣) سورة الأنفال الآية ٢
(٤) سورة الفتح الآية ٤