الجانب الثاني: استنزاف العملة الحية خارج بلاد المسلمين: وذلك بما تكسبه العمالة الكافرة من أموال طائلة ضخمة بشتى أنواع العمل، وإخراج هذه الأموال من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفار. وهذا توهين لاقتصاد المسلمين. هذا من حيث العموم، أما من حيث الخصوص فإن القدرة الإنتاجية للعامل المسلم لا تقاس بالقدرة الإنتاجية للعامل الكافر، لعدة أسباب وعوامل مؤثرة هي في الأصل كذلك، وإن لم تكن في الواقع كذلك. ولا نحتج بالواقع على الأصل.
٥ - ضعف الأبدان، وانحطاط المعنويات: يحتاج البدن إلى ما يقويه وينميه، وأحسن ما يكون ذلك بالعمل، حيث إن العمل يضطر الإنسان في الغالب إلى تقوية عموم بدنه، شاء أم أبى، وفي كل الظروف، بينما حصول ذلك بغير العمل لا يتحقق إلا في أحوال نادرة لا وزن لها، ولفئات في المجتمع محدودة لا أثر لها لأن تقوية الأبدان بغير العمل يخضع لظروف معينة لا تحصل إلا في النادر، كالاختيار، والنشاط، والرغبة، والإمكانيات، ولذا لا تحصل بغير العمل إلا لأناس هم من الندرة بمكان، نسبة لمن تحصل لهم بالعمل، وتقوية أبدان المسلمين غاية في الأهمية، حيث يصح به المسلم، وينشط عقله وفكره، ويكون قادرا على تحمل أعباء الحياة على اختلاف تقلباتها، وقادرا على رد كيد الكائدين عن أمة المسلمين. فبترك المسلمين العمل تنحط قواهم، وتتعطل عقولهم، وتتبلد أفكارهم، وتتسلط عليهم أعداؤهم، وتحل بهم ألوان الأمراض والآفات.