ووضعوا مسائل وقضايا متصورة وغير واقعة، وبينوا أحكامها بأدلة الشرع النصية، وغير النصية، من قياس، وقواعد عامة، وغيرها. وعلماء كل عصر مسؤولون عن دراسة ما يجد في عصرهم من مسائل وأحداث، وبيان أحكامها الشرعية، وفقا لهذه الدراسة وما نتج عنها من تصور. ولا يعذرون في عدم التفقه في مسائل عصرهم أيا كانت هذه المسائل: مالية، أو اجتماعية، أو تعليمية، أو إعلامية، أو سياسية، أو غيرها.
ولا يصح ولا يتصور أن يقول أحد: إنه قد تستعصي على الفقهاء بعض المسائل؛ ذلك أنه ما من مسألة يجتمع لها الناس، فيدرسونها، ويعرفون حقيقة أمرها إلا وسيجدون حكمها في كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو القياس الصحيح، أو قواعد الشريعة العامة ومبادئها. فأحكام الشرع محيطة بلا ريب بقضايا كل عصر وأحداثه إحاطة عمومية وتفصيلية، على مر العصور، والدهور، وتجدد الأحداث.
على أنه لا يجوز أن تحمل النصوص، وسائر أدلة الأحكام فوق ما تحتمله، لإقرار حكم في مسألة حادثة، بحيث يتوسع في دلالتها بغير دليل ظاهر، كما أنه لا يجوز أن تضيق دلالتها، فيحجر على بعضها؛ نصرة لمذهب معين، أو رأي معين، أو مصلحة خاصة.
وإنما يجب التعامل مع النصوص ودلائل الأحكام الشرعية بمقتضى الفهم الصحيح المجرد عن أي هدف أو غرض، غير هدف وغرض معرفة حكم الله في المسألة. والخطأ محتمل في آراء العلماء واجتهاداتهم، ولكنه منتف تماما عن أدلة الشرع. فقد يستدل بعض العلماء