للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمسألة أو حادثة بدليل شرعي وهو لا يدل عليها، وذلك لأسباب كثيرة بعضها مشروع، فهو معذور في خطئه، وبعضها غير مشروع، فهو غير معذور (١) فالاستدلال بالأدلة الشرعية يحتاج إلى التجرد التام عن أي رغبة في إثبات الحكم أو نفيه، كما يحتاج إلى فقه في النصوص والأدلة الشرعية، إلى فقه جامع غير مبتور، كما يحتاج إلى فقه المسألة التي يراد بيان حكمها، ودراستها من كل جانب؛ ليكون الحكم صادرا عن تصور صحيح متقن.

ويلزم العلماء بيان أحكام الأشياء التي تحتاج إلى بيان، وتبليغها للناس بوسائل التبليغ: من إعلام، وتعليم، ودروس، ومحاضرات، ودورات، وخطب، ومواعظ، وكتب، ونشرات - وليس المقصود الإحاطة بدقائق الأشياء- وإنما ما جاء من أحداث يجهل الناس أحكامها، ويتعاملون معها على جهل وتخرص.

ومن هذه الأمور التي تطورت في العصر الحديث واحتاجت إلى بيان أحكامها المختلفة: العمل. والعمل لا حدود لأنواعه، ويدخله أكثر الناس على جهل بأحكامه، سواء كان يدويا أو غير يدوي، ويعتقدون أن مجرد سكوت العلماء عن أحكام هذه الأعمال إباحة لها، وهو خطأ فادح. فإن من الأعمال ما هو واجب، ومنها ما هو مندوب إليه، ومنها ما هو مباح، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو محرم، ولو سكت عنه العلماء. وهذا ما أسعى لبيانه ما استطعت، إسهاما مني، وخطوة أولى على الطريق، يتبعها- إن شاء الله-


(١) ينظر: رفع الملام عن الأئمه الأعلام لابن تيمية (٢٧، ٢٨).