للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآني في تهيئة النفوس لتحمل الدعوة، والقيام بأعبائها، منذ أنزل الله كتابه الكريم على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وتعهد الله سبحانه بحفظه عن التبديل والتحريف {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١). هذا المنهج الذي أبانه الله لعباده، ووصى النبي به أمته عندما اقترب أجله بعدما طلبوا منه -عليه الصلاة والسلام- الوصية بما يعملون بعد أن يفرق الموت بينهم، فقال: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله (٢)» هذا المنهج موجود في كتاب الله جل وعلا، حيث يخاطب العقول في كل زمان ومكان بما يتلاءم مع المدارك، ويقرب المحسوس في كل بيئة إلى العقول الصافية، لتدرك عظمة الله سبحانه، وما يجب على المخلوق تجاه خالقه، وتعرف ما على المخلوق من تبعات في تأدية هذا الواجب: قولية وفعلية واعتقادية.

فقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته الجامعة الوافية في حجة الوداع أمته بأمور كثيرة في مقدمتها: كتاب الله حيث قال: «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت (٣)» فأشهد الله على


(١) سورة الحجر الآية ٩
(٢) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، وينظر جامع الأصول لابن الأثير ج١ الكتاب الثاني، الاعتصام بالكتاب والسنة ص٢٧٧.
(٣) جامع الأصول لابن الأثير ج٣ ص٤٦٥، وتراجع خطبته -صلى الله عليه وسلم- كاملة عند ابن الأثير، وعند البخاري، وعند مسلم.