للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن منهج القرآن الكريم في الدعوة مخاطبة العقول، وتلمس المداخل لأذهان الناس، بما يتفاعل مع الفهم السليم، حيث يكثر في القرآن الكريم مخاطبة العقل والتنويه بالقلب واللب، والدعوة للتفكر، " والتبصر في ملكوت السماوات والأرض، وما خلق الله في هذا الكون، حتى يتحرك الإحساس، ويربط الإنسان المعقول بالمحسوس: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (١) الآيات. فيقص الله علينا حكاية كل نبي مع قومه، وما حصل للأمم السابقة ليأخذ من يعي العبرة بما وصلوا إليه، وأنهم لم يستقيموا على حال بعد ابتعادهم ومعصيتهم: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (٢) {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} (٣).

ومدخل أنبياء الله للدعوة إلى الله مع أممهم، بنوعين:

دعوتهم إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له سبحانه وحده، ومعجزات يعطيها الله لكل واحد منهم، أكبر وأمكن مما هو سائد في مجتمع كل أمة من الأمم.

فموسى عليه السلام لما أرسله ربه إلى فرعون وقومه، كان


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٠
(٢) سورة الروم الآية ٩
(٣) سورة الروم الآية ١٠