للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السائد عندهم السحر، والتمويه على الناس، بما هو خارق العادة عندهم. فكانت المعجزة التي مكنها الله لموسى آيات تغلبت على أعظم ما جاء به سحرة فرعون. فأبطل الله سحرهم بالعصا التي أمر موسى بإلقائها، فإذا هي حية تسعى، تلتهم ما عمله السحرة: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (١) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (٢) {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} (٣). فكان إيمان السحرة عن قناعة بعدما بان لهم الحق بما مكن الله لموسى، من هذه المعجزة، إلى جانب المعجزات الأخرى: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (٤) {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} (٥) وعيسى ابن مريم -عليه السلام- بعثه الله إلى قوم لديهم اهتمام بالأمور الطبية، فكانت المعجزة التي مكنها الله لنبيه عيسى -عليه السلام- أمورا أذهلت أمهر أطبائهم، وهي من مخاطبة عقولهم بما يفوق قدراتهم، كمدخل من مداخل الدعوة إلى الله والتعريف بما يجب اتباعه من الحق. فكان عليه السلام يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، ويحيي الموتى بقدرة الله مما تغلب على عقولهم، وتجاوز قدراتهم، ووقفوا أمام ما مكن الله لعيسى -عليه السلام- حائرين، حتى يعلموا أن ما جاءهم به، إنما هو حق من


(١) سورة طه الآية ٦٨
(٢) سورة طه الآية ٦٩
(٣) سورة طه الآية ٧٠
(٤) سورة النمل الآية ١٢
(٥) سورة النمل الآية ١٣