عند الله {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}(١). وتأتي الآيات البينات، ومجادلة أهل الكتاب، في إيضاح للخوارق التي اكتنفت قصة النبي الكريم عيسى ابن مريم -عليه السلام- مما هو فوق المعهود في أذهان الناس، حيث ولد من أم بدون أب، وكلم الناس في المهد. فغلا فيه أهل الكتاب بالتثليث؛ فمنهم من اعتبره إلها، ومنهم من اعتبره ابنا لله، ومنهم من جعله ثالث ثلاثة -تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. فكان من منهج القرآن الكريم، مما قص الله في أكثر من موقع، مدخلا مقنعا للدعوة إلى طريق الحق بالبيان الواضح والقرآن التي تخاطب آياته العقول بأن عيسى ما هو إلا رسول من الرسل، وأمه صديقة، خلقه بكلمة كن فكان، وبقدرة الله التي لا تخضع للمقاييس البشرية، فآدم خلقه الله من دون أم ولا أب، وحواء خلقها الله من ضلع آدم، وعيسى ابن مريم خلقه من أم بدون أب، والله سبحانه يخلق ما يشاء، ويفعل ما يريد يمتحن بذلك عقول عباده، ومدى استجابتهم لأمره