للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحديد أماكن مصليات العيد موكول أمره إلى ولاة الأمر، فهم المسؤولون عن تحديد هذه المصليات؛ اقتفاء لفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين، فهم أدرى بما يحتاج إليه المصلون من مصليات، وبما هو أنفع لهم، ولا يشق عليهم، لأن الإكثار منها بما لا حاجة إليه من الأمور المكروهة (١)، ولأنه كلما كثر تجمع المسلمين في مصلى واحد كان أفضل، لأن الكثرة من شعار العيد ومظاهره.

لكن صلاة العيد خارج البلد مقيدة بما لا يشق على المصلين، فمتى تبين أن الخروج فيه مشقة عليهم كانت الصلاة في الجوامع أفضل من الصلاة في الجبانة (٢)، فعلى ولاة الأمر أن يعينوا الجوامع المناسبة لصلاة العيدين داخل المدينة، رفعا للحرج عن الناس وعدم تكليفهم ما لا يطيقون؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٣) ولقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث السواك: «لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة (٤)»، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به (٥)».


(١) انظر: محمد الشربيني الخطيب، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٨٦.
(٢) أي الصحراء، انظر. الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ص١١٨٤
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٤) أخرجه البخاري، ج١، ص٢١٤، في كتاب (الجمعة) باب: السواك يوم الجمعة، ومسلم، ج١، ص٢٢٠، في كتاب (الطهارة) باب: السواك.
(٥) أخرجه مسلم، ج ٢، ص ١٤٥٨، في كتاب (الإمارة) باب: فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم.