للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باعتباره أفهم وأعلم بأحكام الصلاة وغيرها وقد علل الحنفية تقديم الأفقه على الأقرأ، وهم ممن يقدمونه بأن القراءة يحتاج إليها في ركن واحد، والعلم يحتاج إليه في جميع الصلاة، والخطأ المفسد للصلاة في القراءة لا يعرف إلا بالعلم (١). فإذا كان هناك من يقدم الأفقه مطلقا على الأقرأ، وأنه أحق بالإمامة في جميع الصلوات، فإن تقديمه يتأكد في صلاة الجمعة والعيدين، لاشتمالهما على خطب تحتاج إلى الفقه في أحكام الدين، بما في ذلك أحكام الصلوات. ولذلك لا بد في صلاة العيدين أن يتطرق الخطيب في خطبته إلى تعليم الناس أحكام الزكاة في خطبتي صلاة الفطر، وأحكام الأضحية في خطبتي صلاة الأضحى، إلى جانب ما يعالج من مواضيع أخرى، وكل من ليس عنده فقه لا يمكن أن يحسن الحديث عن مثل هذه المواضيع.

ويؤيد تقديم الأفقه على الأقرأ قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «مروا أبا بكر فليصل بالناس (٢)»، مع أنه لم يكن -رضي الله عنه- أقرأ الصحابة، وإنما كان أعلمهم. فقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه


(١) السرخسي في المبسوط، ج١، ص٤١
(٢) أخرجه البخاري، ج١، ص١٦٥، في كتاب (الصلاة) باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما.