للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك السنة في عهد الخلفاء الراشدين، ومن اقتدى بهم من ولاة الأمور في الدولة الأموية والعباسية في أن من يتولى أمور المسلمين في الجهاد وغيره، هو الذي يؤمهم في الصلاة (١).

وقد اقتضى اتساع الدولة الإسلامية ودخول الناس في دين الله أفواجا تعددا في الوظائف وزيادة في الترتيب. ومن ذلك حاجة المسلمين إلى من يؤمهم في الصلوات، فتعين على ولي الأمر أو من يفوضه بتعيين أئمة للناس للصلاة بهم، وخاصة بعد أن قل العلم الشرعي عند كثير ممن يتولون الوظائف العامة في الدولة الإسلامية، وقد ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى- شروطا لأحق الناس بالإمامة بناء على قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (٢)» «ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه».

وقد جاء في الحديث كما نرى أن أحق الناس بالإمامة الأقرأ ثم الأفقه، ثم الأسبق هجرة ثم الأقدم إسلاما، لكنه وقع خلاف بين العلماء -رحمهم الله تعالى- في الأقرأ والأفقه، هل الأقرأ هو المقدم على الأفقه، لأنه سبقه في الترتيب أم أن الأفقه أحق


(١) انظر ابن تيمية في الفتاوى، ج٣٥، ص٣٤
(٢) أخرجه مسلم، ج١، ص٤٦٤ في كتاب (المساجد ومواضع الصلاة).