للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينبغي أن يعلم أن البكاء والتباكي المحمود ما كان ناشئا عن تدبر لكتاب الله أورث في القلب الخشية والحزن وهذا يدل على كمال في إيمان العبد، يقول الله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (١).

وليحذر المسلم أن يتصنع البكاء رياء وسمعة أو لحاجة في نفسه فإن هذا من أعظم الخطر ومداخل الشيطان على العبد. السابع. يستحب لقارئ القرآن في غير الفريضة إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله من فضله وإن مر بآية عذاب استعاذ بالله من عذابه، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: «صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء فقرأها، فقلت: يركع بهما، ثم افتتح آل عمران فقرأ، يقرأ مترسلا؛ إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ (٢)» أخرجه مسلم.

الثامن: ينبغي للمسلم أن يتعاهد حفظه، فإن نسي شيئا منه فلا يقل. إني نسيت، ولكن ليقل. إني أنسيت أو نسيت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت بل نسي (٣)» أخرجه البخاري.

وإنما نهي عن قوله: "نسيت" لأنه مشعر بالتساهل


(١) سورة الزمر الآية ٢٣
(٢) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٧٢)، سنن النسائي التطبيق (١١٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٩٨).
(٣) صحيح البخاري فضائل القرآن (٥٠٣٢)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٩٠)، سنن الترمذي القراءات (٢٩٤٢)، سنن النسائي الافتتاح (٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤١٧)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧٤٥).