للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بفضل الله ورحمته. وكانت الطامة الكبرى عدم الاكتفاء بالعزل، رغم تعدد صوره وتيسير الحصول عليه لكل طالب، بل وفرضها على كثير من الراغبين عنها والزاهدين فيها، فامتدت اليد الآثمة لتبتر ثمرة إنسانية قبل نضجها، وتحرم البشرية من جناها المنتظر وفلذة كبدها التي لا غنى لها عنها.

وابن الإسلام يدرك كيف وجه دينه الحنيف عنايته التامة إلى الأجنة في الأرحام بل في الأصلاب والترائب. فقد أمر الإسلام أتباعه بالسمو بعلاقاتهم الزوجية عن البهيمية والحيوانية، فأوجب حافظ الفروج وإحصانها فلا تتاح ولا تباح ولا تستباح إلا بحقها وحلها، وحرم تعدي الحدود في هذا المضمار ولو لم يترتب عليه أثر ولا ضرر قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (١) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (٢) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (٣). .

فالزنا واللواط والاستمناء- أي العادة السرية- والمساحقة كل تلك من الجنايات، ولو صين الماء المهدر فيها ودفق في الأرحام الطاهرة لكانت منه الأجنة الطيبة والسلالات الزكية المخلصة. والأرحام هي التربة الصالحة لهذا الحرث، فأوجب الله على الناس العفاف الذي يضمن صيانتها بل وجعل لها حرما تبعد - مع مراعاة حدوده - التدنس بالفاحشة أو الوقوع في الرذيلة، وذلك بحفظ الأبصار والأسماع والألسنة والأعراض والخلوة، مع قطع


(١) سورة المؤمنون الآية ٥
(٢) سورة المؤمنون الآية ٦
(٣) سورة المؤمنون الآية ٧