للضرورة ضوابط محددة ينبغي توافرها حتى نحكم بمقتضاها على إباحة الحرام، وهذه الضوابط هي:
١ - أن تكون الضرورة داخلة ضمن المقاصد التي جاء الشرع لتحقيقها (١). وهذه المقاصد هي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ويجب مراعاة هذا الترتيب المذكور، فحفظ الدين مقدم على حفظ النفس، والنفس على العقل، والعقل على النسل، والنسل على المال. فلو تعارض حفظ النسل مع المال قدم حفظ النسل على المال. فلو أخبرنا الأطباء المسلمون بأن هذا الجنين يحتاج إلى مبالغ كثيرة لحفظه في بطن أمه فلا نقول نحن في ضرورة لإسقاطه، ولكن لا بد أن نقدم حفظ النسل على المال فنبذل المال في سبيل حفظ النسل.
٢ - ألا تؤدي إزالة الضرورة إلى ضرورة أكبر منها أو إلحاق مثلها بالغير. مثال ذلك: ما لو أخبرنا الأطباء الثقات بأن هذه الآلام الشديدة التي تعاني منها الأم تزول بإسقاط جنينها، فهذه الضرورة لا تبيح لها إسقاط جنينها، وذلك لأن دفع الضرر عن الأم يؤدي إلى ضرر أكبر منه وهو قتل الجنين،
(١) الموافقات للإمام الشاطبي ٤/ ٢٧، طبعة دار المعرفة بيروت.