للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انصرف، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في قميص (١)». والأحاديث الثابتة في هذا المعنى كثيرة لا تخفى على أئمة العلم؛ ولذلك يذكرون تخمير المصلي رأسه بالعمامة وما في معناها من المستحبات، وممن نص على استحبابه المجد في شرحه، ثم قال: ونحن لاستحباب الثوبين والعمامة لإمام أشد، نص عليه؛ لأنه المنظور إليه والمقتدى به.

أما " باب الإجزاء " فيذكر الفقهاء أن من صلى في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه، واستدلوا بحديث عمر بن أبي سلمة المتقدم وما في معناه من الأحاديث، بل ذكر الفقهاء أن انكشاف جزء يسير من العورة لم يفحش في النظر إليه لا يبطل صلاة الإمام والمأمومين؛ لما رواه أبو داود في سننه عن عمر بن أبي سلمة قال: «كنا بحاضر يمر بنا الناس إذا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا مروا بنا فأخبرونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا، وكنت غلاما حافظا فحفظت من ذلك قرانا كثيرا، فانطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة. فقال: " يؤمكم أقرؤكم " وكنت أقرأهم لما كنت حفظت فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة صفراء فكنت إذا سجدت تكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم، فاشتروا لي قميصا عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع أو ثمان سنين (٢)». وفي رواية أخرى عند أبي داود: «فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق فكنت إذا سجدت


(١) صحيح البخاري الصلاة (٣٥٢)، صحيح مسلم الصلاة (٥١٨)، سنن أبو داود الصلاة (٦٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٥).
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٣٠٢)، سنن النسائي الأذان (٦٣٦)، سنن أبو داود الصلاة (٥٨٥)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٠).