للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حملهم لحديث شفاعة الرسول صلى الله عليه لأهل الكبائر إذا تابوا، كما قال القاضي عبد الجبار: المراد بالحديث السابق " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " أي إذا تابوا (١) فليس هناك دليل ولا تقييد بذلك لا في هذا الحديث ولا في غيره.

وهو مع أنه تأويل مخالف للنصوص الثابتة، فهو أيضا معنى فاسد؛ لأن الذي يتوب من الذنب لا يوصف به بعد ذلك، بل يبدل الله سيئاته حسنات فضلا منه وكرما.

وما دام أن التائب ذنبه مغفور له فلا يحتاج إلى شفاعة أحد، وإنما يحتاج إلى المغفرة أو الشفاعة من الذنب الذي مات ولم يتب منه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحا ثبوت مغفرة الله تعالى للتائبين: " قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٢) فأخبر تعالى أنه لا يغفر الشرك، وأخبر أنه يغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ولا يجوز أن يراد بذلك التائب، كما يقوله بعض من المعتزلة، لأن الشرك يغفره الله لمن تاب، وما


(١) شرح الأصول (٦٩٠).
(٢) سورة النساء الآية ٤٨