للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالشفاعة عند البشر، فالشفاعة عند البشر قد تحصل بدون إذن المشفوع إليه، أو بدون رضاه عن المشفوع له لسبب من الأسباب، بخلاف الشفاعة عند الله تعالى: فلا تحصل إلا بعد إذنه عز وجل للشافع ورضاه عن المشفوع له، فليس حصول الشفاعة عند الله تعالى: أمر مطلق لازم، وإنما هو مقيد بشروط لا تتحقق عند هؤلاء، وأن الله سبحانه وتعالى: قد نفى الشفاعة الشركية التي يتعلق بها أولئك المشركون ومن وافقهم، وأبطل هذه الشفاعة في مواضع كثيرة من كتابه، ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (١). وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} (٢) وقول الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن ساق الآيات وأمثالها: " فهذه الشفاعة التي أثبتها المشركون للملائكة والأنبياء والصالحين، حتى صوروا تماثيلهم وقالوا: استشفاعنا بتماثيلهم استشفاع بهم، وكذلك قصدوا قبورهم وقالوا: نحن نستشفع بهم بعد مماتهم ليشفعوا لنا إلى الله، وصوروا تماثيلهم فعبدوهم كذلك، وهذه الشفاعة أبطلها الله


(١) سورة الأنعام الآية ٥١
(٢) سورة الأنعام الآية ٩٤
(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٥