للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك، فيلعنوا كما لعنوا، واتخاذ القبر مسجدا، معناه الصلاة عليه أو إليه، وحينئذ فقوله: والصلاة إليه مكرر إلا أن يراد باتخاذها مساجد الصلاة عليها فقط، نعم إنما يتجه هذا الأخذ إن كان القبر معظما من نبي أو ولي كما أشارت إليه الرواية: «إن كان فيهم الرجل الصالح (١)». . . ومن ثم قال أصحابنا: تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء. . . ومثلها مثل: الصلاة عليه، والتبرك والإعظام، وكون هذا الفعل كبيرة ظاهرة، ظاهر من الأحاديث المذكورة، وكأنه قاس على ذلك كل تعظيم للقبر: كإيقاد السرج عليه تعظيما له، وتبركا به، والطواف به كذلك، وهو أخذ غير بعيد سيما وقد صرح في الحديث المذكور آنفا بلعن من اتخذ على القبر سرجا، وأما اتخاذها أوثانا فجاء النهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري وثنا يعبد بعدي (٢)» أي لا تعظموه تعظيم غيركم لأوثانهم، بالسجود له أو بنحوه، إلى أن


(١) مسلم ١/ ٣٧٥، ٣٧٦ ح ٥٢٨ في المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا.
(٢) أخرجه بنحو هذا اللفظ أحمد ٢/ ٢٢٦ من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، ومالك مرسلا ١/ ١٧٢ ح ٨٥، وعبد الرزاق في المصنف مرسلا ٨/ ٤٦٤ من طريق صفوان بن سليم عن سعيد بن أبي سعيد المهري.