للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في المقابر المسبلة كما هو مشاهد، لا سيما بالحرمين ومصر ونحوهما، وقد علموا بالنهي عنه، فكذا هي، فإن قلت: هو إجماع فعل، وهو حجة كما صرحوا به قلت: ممنوع بل هو أكثري إذ لم يحفظ ذلك حتى عن العلماء الذين يرون منعه، وبفرض كونه إجماعا فعليا فعمل حجيته- كما هو ظاهر- عند صلاح الأزمنة، بحيث ينفذ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تعطل ذلك منذ أزمنة، ولو بني نفس القبر لغير حاجة مما مر- كما هو ظاهر- إلى أن قال: وقد أفتى جمع بهدم كل ما بقرافة (١) مصر من البناء حتى قبة إمامنا الشافعي رضي الله عنه، التي بناها بعض الملوك، وينبغي لكل أحد هدم ذلك، ما لم يخش منه مفسدة فيتعين الرفع للإمام " (٢).

ولتنظر أيها القارئ إلى مبلغ احتياط هؤلاء العلماء في حماية جانب التوحيد، حتى أفتى جمع منهم بهدم القبة التي على قبر الشافعي رحمه الله وهو من كبار أئمة أهل السنة، فكيف بمن دونه في العلم والفضل، حتى لقد بنيت قباب على قبور أناس غير معروفي الأصل، وليسوا من أهل العلم والفضل، كما حدث عند السيد البدوي، وغيره ممن لهم قباب معروفة مشهورة.

وقال البيضاوي - كما في حاشية السيوطي على سنن النسائي: " لما كان اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم،


(١) هي المكان الذي يقبر فيه.
(٢) كما في العقد الثمين ص ١٨٦.