للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «رواح الجمعة واجب على كل محتلم (١)»، وغير ذلك من الأدلة على وجوب حضور الجمعة، وإثم من تركها، وقد ورد ثواب الخطوات إلى الجمعة، وفضل التقدم إليها، وكتابة الملائكة للأول فالأول، وكفارتها لما بينها وبين الجمعة الثانية، وغير ذلك من الفضائل التي تفوت من تركها، ولم يرد مثل ذلك في صلاة العيد، وإن كانت من القربات، ومما يحصل بها أجر الذهاب والانتظار، والصلاة والتكبير، واستماع الخطبة ونحو ذلك.

وأما ما ذكره بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام في أن الجمعة إنما اختصت بالخطبتين، وقد حصلت لمن حضر العيد، أو أن شهود العيد يحصل مقصود الاجتماع، فهذا قد يكون صحيحا إذا قيل: إن الحكمة في صلاة الجمعة هي الاستفادة من سماع الخطبة، أو الاجتماع والتلاقي، وتبادل السلام، والتعارف، ولكن قد ذهب الجمهور إلى أن صلاة العيد سنة أو فرض كفاية؛ ولذلك تفوت الكثيرين من المواطنين، ومع ذلك فإن الجمعة فيها حكم وفضائل غير سماع الخطبة، وحصول الاجتماع، كالتقدم، والنوافل، والانتظار، ونحو ذلك مما لم يرد مثله في صلاة العيد، وحيث إن أهل العوالي والمساكن النائية يشق عليهم الرجوع للجمعة، رخص لهم في تركها، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون (٢)» وقد سبق الحديث، فعلى هذا


(١) كما في سنن النسائي برقم ١٣٧٢.
(٢) سنن أبو داود الصلاة (١٠٧٣)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣١١).